واشنطن - تل أبيب: من الحب ما قتل!

في خبر صدر عن وكالة «بلومبرغ» للأنباء أنّ البيت الأبيض يشعر بإحباط متزايد من سلوك إسرائيل في الحرب ضد «حماس»، على ضوء ارتفاع عدد القتلى المدنيين ومن بينهم أعداد كبيرة من الأطفال، وفي ظل غياب الحد الأدنى من الاستجابة الإسرائيلية لدعوات واشنطن لمراعاة القوانين الدولية، بينما تواصل تل أبيب سياسة الأرض المحروقة وارتكاب الإبادة الجماعيّة.

كما أشار استطلاع للرأي نشرته صحيفة «هآرتس» الإسرائيليّة إلى أنّ أقل من أربعة بالمئة من اليهود الإسرائيليين يثقون برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كمصدر موثوق للمعلومات، في ما يتعلق بالحرب الكبرى ضد حركة «حماس».

وثمّة مسألة أخرى متصلة بمجريات العلاقة بين البلدين ألا وهي جبهة الجنوب اللبناني التي لا ترغب واشنطن بتوسيعها لتتدحرج نحو حرب شاملة. فقد «علِم موقع «واللا» من مصادر سياسية رفيعة المستوى في القدس (...) بأنّ البيت الأبيض أبدى خشيته من احتمال إقدام إسرائيل على شن هجمات استفزازية في لبنان، قد تدفع «حزب الله» إلى تصعيد عملياته الحدودية، وهو ما قد يوجِد ذرائع لإسرائيل من أجل تبرير زيادة عملياتها العسكرية في لبنان، إلى جانب توسيع نطاق الحرب التي تشنّها في قطاع غزة، كما أنّ هذا كله من شأنه جرّ واشنطن إلى قلب الصراع في منطقة الشرق الأوسط، أكثر فأكثر»، وفق ما جاء في نشرة مختارات من الصحف العبرية (مؤسسة الدراسات الفلسطينية).

بطبيعة الحال، لا يعني كل ما سبق أنّ هذه التباينات المرحليّة بين البلدين من شأنها أن تؤسس لفك التحالف الاستراتيجي بينهما، وهو قديم ومتجذر وتشرف على مفاصله شبكة كبيرة من مجموعات الضغط الصهيونيّة في واشنطن، التي تؤثر على مجريات صنع القرار في ما يتعلق بالسياسة الخارجيّة الأميركيّة خصوصاً تجاه الشرق الأوسط.

تقدّم الولايات المتحدة الأميركيّة دعماً مالياً سنوياً يناهز 3.8 مليارات دولار إلى إسرائيل وهو دعم ثابت ومستمر منذ سنوات طويلة. وتُصنّف إسرائيل على أنها أكبر متلق للمساعدات الخارجيّة الأميركيّة منذ حقبة ما بعد الحرب العالميّة الثانية. ويقدّر المبلغ الإجمالي الذي تلقته إسرائيل من الولايات المتحدة منذ تأسيسها بحوالى 150 مليار دولار.

وتفيد المعلومات وفق الجهات الرسميّة الأميركيّة أنّ القسم الأكبر من المساعدات الأميركية لإسرائيل تُخصص للدعم العسكري، وقد بلغ حجم المساعدات الأميركية العسكرية لإسرائيل في ما بين عامي 1946 و2023، نحو 114.4 مليار دولار، ناهيك عن نحو 9.9 مليارات دولار مخصصة للدفاع الصاروخي.

النظرة السائدة لدى قسم لا يُستهان به من أعضاء الكونغرس ووزارة الخارجيّة الأميركيّة ودوائر صنع القرار في واشنطن أن إسرائيل هي الحليف الاستراتيجي الذي لا يجوز الاستغناء عنه، من دون أن تتفحص فعلاً الطبقة الأميركيّة الحاكمة ما إذا كان هذه المقولة لا تزال منطقيّة على ضوء العدد الكبير من الحلفاء لواشنطن في الشرق الأوسط والمنطقة العربية، خصوصاً بعد حقبة الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفياتي وتربع الولايات المتحدة على مقعد القيادة العالميّة دون منازع تقريباً.

وثمّة شريط مصوّر قديم للرئيس الأميركي جو بايدن (أيّام الشباب) يتحدّث فيه عن أنه صهيوني حتى لو لم يكن إسرائيليّاً مؤكداً أنه لو لم تكن هناك إسرائيل لكان يجب اختراعها، متسائلاً: هل يمكن تخيّل شكل العالم من دون إسرائيل؟

الجواب: حتماً، سيكون العالم أفضل!

بعد مرور أكثر من شهر على الحرب الإسرائيليّة على قطاع غزة التي تم في خلالها تجاوز جميع القوانين الدولية دون رادع، ألم يحن الوقت لواشنطن لكي تعيد النظر في دعمها الأعمى لإسرائيل؟ كيف ترفع شعار حقوق الإنسان من جهة، وتغطي أكبر مذبحة متواصلة منذ أسابيع تحت شعار «الدفاع عن النفس»، من جهة ثانية؟

المصدر: نداء الوطن